Saturday, September 22, 2018
ولادة 40 مها أفريقي (أبو حراب) في مراعي الساحل بجمهورية تشاد
"غدي نيوز"
استقبلت الأراضي التشادية منذ بداية هذا العام، 40 عجلاً من المها الأفريقي (أبو حراب)، وذلك ضمن مبادرة هيئة البيئة - أبوظبي الرائدة لإعادة توطين هذا النوع المصنف من الحيوانات المنقرضة في موائلها الطبيعية، والتي تنفذها بالنيابة عن حكومة إمارة أبوظبي وبالتعاون مع حكومة جمهورية تشاد، والشريك التنفيذي المحلي صندوق المحافظة على الصحراء، وغيرها من المنظمات العالمية المعنية بالمحافظة على البيئة، ليصل بذلك عدد المها الأفريقي في تشاد إلى 180 رأساً.
ولا يقتصر الهدف من برنامج إعادة توطين المها الإفريقي) أبو حراب (على إعادة هذا النوع النادر إلى محمية وادي ريم – وادي أخيم في تشاد، وإنما يهدف كذلك إلى ضمان تكاثر المها في محيطه الجديد. وهذه هي المرة الأولى التي يُنقل فيها المها الإفريقي) أبو حراب (إلى منطقة غير مسيجة، ويتمثل الهدف المبدئي للبرنامج في تأسيس قطيع صحي ومستدام ذاتياً يضم أكثر من 500 رأس على مدار خمس سنوات، بحيث يستمر نمو القطيع وتأقلمه في البرية مع مرور السنوات.
ويُعتقد أن هذا النوع من المها قد اختفى من البرية في أواخر ثمانينات القرن الماضي، وقد تم الإعلان عن "انقراضها في البرية" رسمياً من قبل الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة في عام 2000. وكانت الحيوانات الوحيدة المتبقية منه في خارج موائله أو في برامج الإكثار في الأسر في حدائق الحيوانات والمجموعات الخاصة حول العالم.
وقالت سعادة رزان خليفة المبارك الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي: "صُنف برنامج إعادة توطين المها الإفريقي (أبو حراب( في تشاد من جانب الكثيرين باعتباره أكثر البرامج طموحاً لإعادة توطين الثدييات على مستوى العالم. وتُعد رؤية هذه المبادرة، بدايةً من كونها حلماً وتحولها إلى رؤية واستراتيجية ثم إلى واقع نعيشه، من أكثر التجارب إسعادًا وإرضاءً لأي شخص لديه شغف بالمحافظة على الحياة البرية".
وأضافت سعادة المبارك "لم يكن لمشروع بهذا الحجم أن ينجح، لولا التعاون الوثيق بين هيئة البيئة – أبوظبي وصندوق المحافظة على الصحراء والحكومة التشادية، هذا بالإضافة إلى الخبرات والموارد التي تم توفيرها من قبل الشركاء الدوليين في المشروع، إلى جانب عدة سنوات من العمل الجاد والتفاني والإخلاص من جميع المشاركين في تنفيذ هذا المشروع".
ومن الإنجازات الهامة التي حققها المشروع مؤخراً، إطلاق مجموعة جديدة من المها الأفريقي (أبو حراب) في تشاد في نهاية شهر يوليو الماضي ضمت 83 رأساً من المها. وتعتبر هذه المجموعة الجديدة التي تم إطلاقها في البرية جزء من القطيع العالمي الذي ترعاه الهيئة في مركز الدليجة لإدارة الحياة البرية في أبوظبي. وقد كان العديد من حيوانات القطيع العالمي جزءاً من المجموعة الخاصة التي أنشأها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. كما تم تعزيز التنوع الجيني لهذا النوع من المها من خلال الأعداد التي تبرعت بها حدائق الحيوان ومن المجموعات الخاصة من مختلف أنحاء العالم.
وبدأت الاستعدادات لعملية الإطلاق من مركز دليجة في أبوظبي، من خلال اتخاذ إجراءات بيطرية صارمة وفق أفضل المعايير الدولية في برامج الإطلاق، حيث تم اختيار الحيوانات التي سيتم إطلاقها وفحصها بشكل دقيق للتأكد من سلامتها وتم إعدادها للشحن إلى منشأة ما قبل الإطلاق في المحمية الطبيعية بجمهورية تشاد.
وبعد الإطلاق، تولى مراقبون من وزارة البيئة والثروة السمكية في حكومة تشاد متابعة القطيع في البرية. كما تتعاون الهيئة عن كثب مع معهد سميثسونيان للمحافظة على الحياة البرية وجمعية علوم الحيوان في لندن لمراقبة وتتبع القطيع والتعرف على مدى تأقلمه مع البيئة المحيطة، ومعرفة المزيد عن تحركاته وسلوكه في البرية، وذلك من خلال أجهزة المراقبة التي تكون على شكل طوق يتم تثبيتها على رقبة القطيع وتسمح بمراقبتها عبر الأقمار الصناعية.
وقالت الدكتورة شيخة سالم الظاهري، المدير التنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة - أبوظبي: " في إطار التحضير لإطلاق المها، تم في شهر فبراير الماضي نقل مجموعة من المها الأفريقي ضمت 73 راساً من أبوظبي إلى منشأة ما قبل الإطلاق بمنطقة وادي ريم - وادي أخيم بجمهورية تشاد".
وأشارت د. الظاهري إلى أنه وقبل الإطلاق قام فريق العمل الميداني بتثبيت أجهزة مراقبة والتي يمكن التحكم بها وبرمجتها عن بعد على 70 رأساً من القطيع، مما سيتيح لنا تتبع القطيع والتعرف على مدى تأقلمه مع البيئة المحيطة ومعرفة المزيد عن تحركاته وسلوكه في البرية، وما إذا بقيت ضمن مجموعة واحدة أو تفرقت ضمن فئات اجتماعية مختلفة فضلا عن التعرف على حالات النفوق أو ما إذا تم اصطيادها".
وذكرت د. الظاهري: "أن التقارير الأولية تشير إلى أن المجموعة التي تم إطلاقها تظهر بحالة جيدة وصحية وقادرة على التأقلم بشكل جيد مع محيطه الجديد. كما أنه لوحظ أن الإناث قامت بسلوك فطري عند الولادة في البرية، لم تفعله من قبل في الأسر، حيث تنفصل الإناث عن المجموعة للولادة ثم تعود لتجتمع لتتشكل أزواج ذكور/ إناث. كما بينت التقارير أن أطول مسافة قطعها أحد حيوانات المها كانت 139 كيلومترًا في ليلة واحدة، في حين بلغت المساحة الإجمالية التي قطعتها المها حوالي 12000 كيلومتر مربع.
وأضافت أن معدل هطول الأمطار في المحمية وصل هذا العام إلى حوالي 40 ملم، وهو ما يؤمل أن يكون بداية موسم ممطر يساهم نمو الكثير من العشب ويعزز من جودة حياة المها الأفريقي في موئلها".
يعتبر تغير المناخ والتعديات البشرية من بين التهديدات الرئيسية لهذا النوع من الظباء، حيث ساهمت عمليات الصيد غير المنظم وخسارة الموائل وقلة الموارد والحروب في تشاد والمناطق المجاورة لها في انقراض ذلك الحيوان الجميل الذي كان ينتشر على نطاق واسع في جميع أنحاء منطقة الساحل، من السنغال إلى السودان. وعن طريق إطلاق المها الأفريقي (أبو حراب) في موطنه الأصلي خلال موسم الأمطار وعندما تكون الموارد متاحة بشكل أفضل، مما يتيح للقطيع الوقت للتأقلم مع المناخ الجديد في منطقة مفتوحة تماماً وغير مغلقة أو مطوقة لتشجيع الحيوانات على الاندماج والتكيف مع بيئتها الطبيعية بوجود جوالين مراقبين، حيث يأمل الشركاء أن يتيح المشروع فرصة أفضل لبقاء هذا النوع على قيد الحياة.
| قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن |