"غدي نيوز" - سوزان أبو سعيد ضو
يصح توصيف ما أنجزته بلدية كفرفاقود في منقطة المناصف (قضاء الشوف) بالمبادرة البيئية المستدامة، إذ تعاملت مع أزمة نعاني منها جميعا في لبنان خصوصا والعالم عموما، ألا وهي أزمة النفايات ، وبالتحديد البلاستيك ، ليس بالتقليل من استخدام هذه المادة فحسب، بل بالعودة إلى الجذور والتراث باستبدال هذه الأكياس بسلال القصب التقليدية، وإعادة إنعاش حرفة تعاني من التدهور وضعف الطلب نتيجة استعمال مصنوعات البلاستيك التي دخلت في إنتاج معظم السلع، ولا سيما تلك التي تستعمل لمرة واحدة فقط.
وفي سياق مبادرتها، قامت البلدية بتوزيع هذه السلال على المحال والمنازل ليعتمدها المواطنون في حمل حاجياتهم، وهي توزع مجانا، فهي فضلا عن كونها وسيلة للتوعية حول الحد من استعمال البلاستيك تساهم في تعزيز الإقتصاد الريفي، وتوفير دخل لمن يعمل في هذه الحرفة التراثية.
فالقصب مادة شائعة على ضفاف الأنهر، ولها استخدامات عديدة في صناعة الأكواخ ومكون هام في بناء العرزال التقليدي وتسييج الأراضي وصناعة بعض الأدوات الموسيقية، وكانت هذه السلال تستخدم لجني الثمار من فواكه وزيتون وحاجيات وغيرها، ويستخدمها المزارع وصياد السمك ولمسافات بعيدة دون فساد ما ينقل بها كونها تمنع أي إصابة للطبقة الخارجية للمواد، فضلا عن توفير التهوية الكافية.
نصر: لاعتماد الخيارات البيئية السليمة
وفي هذا المجال، تواصلنا مع رئيس بلدية كفرفاقود بسام نصر، فقال لـ "غدي نيوز": هي واحدة من جملة مبادرات انتهجناها في البلدة، فقد قمنا سابقا بتوزيع مستوعبات بلاستيكية للفرز في البيوت، وقد لاقت نجاحا وصل إلى حدود 40 بالمئة، وثم قمنا بتوزيع أكياس من القماش مجانا لاستبدال أكياس البلاستيك، على المحال والبيوت، إلا أن إمكانياتنا متواضعة، فالتمويل كان العقبة الكبرى، وقد ساهمت معنا جمعيات في هذا المجال، وأهمها جمعية البيت اللبناني للبيئة في توفير المستوعبات والأكياس فضلا عن الكتيبات للتوعية حول هذا الموضوع، لكن من جراء التفكير الدائم بوضع البيئة والحفاظ عليها سليمة قدر الإمكان، بدأت فكرة سلال القش (القصب) بعد أن طرحها عضو المجلس البلدي عمر زهر الدين ولاقت تجاوبا من المجلس البلدي، واعتمدناها وأوجه التحية له".
وتابع نصر: "لدينا انفتاح على كافة الأفكار، وضمن إمكانياتنا نحاول العمل والتعاون مع الأهالي، وهدفنا توزيع هذه السلال على كافة المنازل، وعلى نفقتنا الخاص، كما نبقى على تواصل مع الأهالي وتشجيع دائم لهم لاعتماد الخيارات البيئية السليمة، واغتنم الفرصة لتوجيه التحية لأهالي البلدة الذين يتجاوبون معنا في هذا المجال، وخصوصا المحال التجارية، وثمة تواصل دائم معهم وعبر وسائل التواصل الإجتماعي خصوصا صفحة البلدية على موقع (فيسبوك)".
إعادة الإستعمال
وقدر نصر نجاح هذه الخطوة بين 60 و70 بالمئة، وأضاف: "من التدابير المتوازية التي نقوم بها التوعية للحد من استعمال أكياس البلاستيك وإعادة استعمالها بالعديد من المنشورات ومنها تشجيع ربات المنازل على تجميع أكياس البلاستيك الفائضة، وإعادتها للمحال التجارية لإعادة استعمالها بالتعاون مع الأهالي والمحلات التجارية، فلا يخلو منزل من كمية كبيرة من هذه الأكياس وعادة ما ترمى، لذا نشجع على إعادة الإستعمال، كما نجمع علب الكرتون والأوراق من المحال التجارية والمدارس".
وأشار نصر إلى أنه "من جهة ثانية، يهمنا أن نتعاون مع كافة البلديات في نشر الوعي البيئي، وتعميم هذه التجربة، وخصوصا أننا نعمل على حماية البيئة من البلاستيك الذي يتطلب سنوات عديدة ليتحلل ونشجع أصحاب هذه الحرفة لتعود وتزدهر من جديد في السوق اللبناني، كما أن هذه السلة تحافظ على الفاكهة والخضار بشكل أفضل بكثير من الأكياس البلاستيكية، فهي عدا أنها تحافظ عليها طازجة ونضرة وتسمح لها بالتنفس فهي تمنع إصابتها بأي ضرر كما يحصل في حالة الأكياس البلاستيكية بل توضب فيها الفواكه والخضروات مباشرة".
وختم نصر بالقول: "نحن في بلدتنا نعتمد شعارا وهو البيئة النظيفة حياة بحد ذاتها، والمحافظة عليها في هذا المجال تعد هاجسا حقيقيا لا يفارق بالنا ولا تفكيرنا".