Wednesday, January 9, 2019
بنى تحتية "ولادية"... لبنان لم يبلغ سن الرشد!
"غدي نيوز"
يجمع المراقبون والخبراء الاقتصاديون على أن كلفة استعادة البنى التحتية في لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية إلى اليوم هي الأعلى في العالم، وتقدر بعشرات المليارات من الدولارات، ولن ندخل في لغة الأرقام كي لا نضيع بين التقديرات المتفاوتة ولو بنسب ضئيلة، لكن ما هو مؤكد أن البنى التحتية استهلكت القسم الأكبر من الدين العام وقد لامس المئة مليار دولار، لنجد سنة بعد سنة أن هذه المليارات يتبخر أكثرها، خصوصا عند اشتداد العواصف وتشكل السيول، وكأن الطبيعة متضامنة مع اللبنانيين وهي تفضح المستور، ليتأكدوا الناس أن هذه البنى التحتية لم تصمد أمام عاصفة أقل من متوسطة.
عندما أشرنا قبل أيام قليلة إلى أننا تحولنا مادة للتندر أمام دول العالم مع تعثر تشكيل الحكومة ، وأن كثيرين بدأوا ينظرون إلى لبنان بعين السخرية والاستخفاف، لم نكن نتوقع أن تتصدر مشاهد الذل التي واجهها المواطنون وسائل الإعلام الدولية، وأن تواكب كيف تنقَّلَ مواطنون بزوارق على طرقات تحولت بحيرات، وقد يطالعنا مسؤول اليوم ليقول هذا المشهد نراه في معظم دول العالم، وسنجيبه من الآن، نعم هذا المشهد نراه في دول تتعرض لأعاصير كارثية لا إلى مجرد عاصفة لم تبلغ ثلوجها الألف متر إلا "بمشقة"!
للأسف، لم نواكب الأمطار الغزيرة والثلوج مع اشتداد العاصفة "نورما" بعين الأمل، ولم يتح لنا الوقت لنفرح ببشائر الخير وبالثلوج تكلل قمم الجبال، لنجد طرقات وأنفاقا غرقت بالمياه، ولنشاهد جسورا ترشح أنهارا، فيما مجاري الصرف الصحي فاضت في الشوارع، وجدران دعم إنهارت وتداعت وطرقات شهدت انخسافات، بينما مليارات الدولارات أنفقتها الدولة على البنى التحتية ذهبت هباء، لأن المحاصصة في المشاريع تكون شكلية وبالتوافق بين زعماء وأحزاب الطوائف، فتذهب الالتزامات إلى الأتباع الفاسدين والمفسدين، وتكون النتيجة كما شهدنا في اليومين الماضيين.
يشيدون الجسور ويرصفون الطرقات ولا يحسبون حساب أمطار الشتاء والسيول التي ستتجمع، وقد غرقت فيها السيارات بالأمس، وتحولت الشوارع بحيرات أكثر منها طرقات وغرقت فيها السيارات، كما حصل بالأمس في الضبية والشويفات وخلدة ومناطق عدة من بيروت، وهذا نتاج إهمال الإدارات والوزارات والبلديات حين تبني صيفا وتهدم شتاء.
إنها سياسة "مرقلي تمرقلك" وتقاسم الالتزامات غير المنفصل عن المشهد الحكومي الغارق أيضا في بحر الحصص والتحاصص، فضائح بالجملة في دولة الهدر والفساد والتنفيعات، تغرق لبنان، مسكينة "نورما" أطلت لتغدق على اللبنانيين خيراتها ولم تكن تعلم أن البنى التحتية أقرب ما تكون إلى لعب "الليغو" والـ "بازل" الولادية، ولبنان لم يبلغ سن الرشد!
| قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن |