"غدي نيوز"
قبل أعوام قليلة طورت جرًاحة أسترالية تقنية جديدة، شكلت ثورة في علاج الإصابات البليغة الناتجة عن الحروق. وتعتمد هذه التقنية على استخلاص محلول من الخلايا الجلدية للجسم. وتعمل المراكز الطبية الألمانية على تطوير هذه الطريقة، على ما أشار اليوم (20-12-2012) تقرير لـ "دويتشه فيله".
تتجلى فكرة الطبيبة الجراحة، فيونا وود، لمعالجة الجروح بأخذ عينة من الخلايا الجلدية للمريض المراد علاجه، ووضعها في محلول خاص. وبعد مرور خمسة أيام يتم رش مكان الجرح بهذا المحلول مما يساهم في التئام الجرح بشكل أفضل. ويكون العلاج أقل ألما باستعمال هذا الأسلوب مقارنة مع استعمال الطرق التقليدية المتبعة في زرع الجلد لأنه ليست هناك حاجة للمس النسيج المصاب بشكل مباشر. وأصبحت هذه التقنية متبعة في العديد من المستشفيات المتخصصة في علاج ضحايا الحروق في جميع أنحاء العالم. ومن بين هذه المستشفيات مستشفى الطوارئ في برلين الذي طور هذه التقنية حيث أصبح ممكنا رش الأماكن المصابة بالخلايا الجلدية الذاتية بعد حوالي ساعتين فقط من إعدادها.
رذاذ خلايا الجلد
تعرض الزوجان، بيغي وريغينالد روثبارث لحروق بليغة، بعدما داهم حريق شقتهما الصيفية في سردينيا الإيطالية بسبب تسرب للغاز. وعانى كل من الزوج والزوجة الألمانيين من حروق خطيرة غطت أكثر من خمسين في المئة من جسمهما على مستوى الوجه والعنق والصدر والذراعين والساقين. وتم علاجهما بادئ الأمر في إيطاليا قبل أن يتم نقلهما بعد ذلك إلى مستشفى الطوارئ في برلين (UKB).
وعندما تلتقي اليوم بيغي وريغينالد روثبارث، يصعب عليك تصديق أن وجهيهما سبق وتعرضا لحروق بليغة. ويرجع ريغينالد الفضل في ذلك إلى تقنية رذاذ خلايا الجلد. قد تعرف الزوجان، خلال فترة تأهيلهما الطبي على مرضى آخرين لم يخضعوا لنفس طريقة العلاج ولم يُعالجوا في مستشفى الحوادث في برلين. وهؤلاء المرضى تظهر عليهم آثار الحروق في وجوههم.
ويقول ريغينالد إنه وزوجته فخوران بتلقي علاجهم في مستشفى برلين للحوادث. ويتابع ريغينالد قائلا: "الأطباء أنقذوا حياتنا، ونستطيع أن نعيش حياتنا دون أن يلاحظ أحد أننا تعرضنا لحروق بليغة".
وأشرف الدكتور بيرند هارتمان، كبير أطباء مركز علاج إصابات الحروق البليغة التابع لمستشفى الطوارئ ببرلين وفريقه الطبي على علاج بيغي وريغينالد روثبارث. وقد تم وضع الزوجين في غيبوبة اصطناعية لمدة ثلاثة أسابيع كما جرت العادة في علاج مثل هذه الحالات. وخلال هذه المدة تم تنظيف الجروح وتعقيمها قبل بدء عملية العلاج الفعلي. وتم علاج الوجه والعنق واليدين فقط بتقنية رش رذاذ الخلايا الجلدية.
ويتذكر الدكتور هارتمان مراحل العلاج قائلا: "لقد استعملنا مجموعة مختلفة من التقنيات: زرع الجلد بطرق مختلفة وتقنية رش الجروح بخلايا الجلد". أما في ما يخص باقي أجزاء الجسم، فقد تم زرع الجلد بطريقة تقليدية. لأن تقنية الرش تُستعمل فقط في الحروق من الدرجة الثانية. ويصعب استعمالها في الحروق من الدرجة الثالثة أو الرابعة التي تعتبر أكثر خطورة. وتلتئم الجروح التي استعملت فيها تقنية الرش في ظرف عشرة أيام.
محلول الجلد الذاتي المركز
ويقول البروفسور ماتياس أوغوستين، مدير معهد هامبورغ للبحوث الصحية لطب الأمراض الجلدية ومهن التمريض، إن أكبر ميزة للرذاذ المستعمل لعلاج الجروح هي إمكانية الحصول عليه بسرعة. كما أن إنتاجه من خلال الخلايا الذاتية يسهل عملية تقبله من طرف الجسم. إضافة إلى أن استعماله لا يحتاج إلى لمس الجروح مما يقلل من الشعور بالألم. ويضيف البروفسور أوغوستين أن الخلايا الجلدية تتوزع بشكل متساو على الجرح خلال الرش، وهو الشيء الذي يساهم في نموها في نفس المدة.
وبتعاون مع المعهد الألماني للخلايا والأنسجة البديلة في برلين، طور الدكتور هارتمان رذاذا جديدا من الخلايا الجلدية لوضعه فوق الجروح. ويتطلع الدكتور هارتمان إلى تحقيق مزيد من التقدم فيما يخص تقنية استعمال الخلايا الجلدية لعلاج الجروح الناتجة عن الحروق في إطار جمعية طبية أوروبية تعمل تحت غطاء ما يعرف بمبادرةEuroSkinGraft، حتى يكون بمقدور الأطباء في أوروبا معالجة الحروق من الدرجة الثالثة والرابعة بهذه التقنية أيضا.