"غدي نيوز"
يستذكر العالم في 29 ديسمبر من كل عام ذكرى دخول اتفاقية التنوع البيولوجي حيز التنفيذ، وهي لحظة فارقة في تاريخ الجهود العالمية للحفاظ على التنوع الحيوي على كوكبنا. وتولي دولة الإمارات العربية المتحدة حماية التنوع البيولوجي وصون الأنواع المهددة بالانقراض اهتماماً كبيراً، وقد اتخذت العديد من الخطوات والمبادرات المهمة في هذا المجال، مما جعلها رائدةً إقليمياً وعالمياً في جهود الحفاظ على البيئة والحياة البرية.
وتُعدّ المحميات الطبيعية من أبرز المجالات التي اهتمت بها دولة الإمارات لحماية التنوع البيولوجي، فقد أنشأت الدولة 49 محمية طبيعية تغطي نحو 15.53% من إجمالي مساحة الدولة، وتنقسم هذه المحميات إلى 16 محمية بحرية تمثل 12.01% من المناطق البحرية والساحلية، و33 محمية برية تشكل 18.4% من المناطق البرية في الدولة.
وتلعب هذه المحميات دوراً حيوياً في حماية الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض، كما أنها توفر موائل طبيعية للحيوانات والنباتات المحلية. وفي إطار جهودها لحماية التنوع البيولوجي، أصدرت دولة الإمارات العديد من التشريعات والقوانين المهمة، من بينها القانون الاتحادي رقم 23 لسنة 1999 بشأن استغلال وحماية وتنمية الثروات المائية الحية، والقانون الاتحادي رقم 24 لسنة 1999 الخاص بحماية البيئة وتنميتها.
وتحظر هذه القوانين صيد أو نقل أو قتل أو إيذاء الكائنات البرية والبحرية، كما تمنع تدمير موائلها الطبيعية أو إدخال أنواع غريبة إلى المناطق المحمية. كما انضمت الدولة إلى العديد من الاتفاقيات الدولية الهادفة إلى حماية الأنواع المهددة بالانقراض، مثل اتفاقية تنظيم الاتجار بأنواع النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض «سايتس»، وهو ما يعكس التزام الدولة بالتعاون الدولي في مجال حماية التنوع البيولوجي وتنفيذ المعايير العالمية في هذا الصدد.
وتولي دولةُ الإمارات برامجَ إكثار الأنواع المهددة بالانقراض عنايةً قصوى، فقد أنشأت الدولة مراكز متخصصة للإكثار تتمتع بسمعة مرموقة على المستويين المحلي والعالمي، وهذه المراكز تقوم بدور حيوي في زيادة أعداد الأنواع المهددة وإعادة توطينها في بيئاتها الطبيعية، مما يسهم في استعادة التوازن البيئي وحماية التنوع البيولوجي.
وفي عام 2022، أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة في الإمارات القائمةَ الحمراء الوطنية للأنواع المهددة بالانقراض، وهي تقدم تقييماً شاملا لحالة الأنواع في البيئة المحلية، وتهدف إلى تعزيز تحقيق المؤشرات التنافسية الدولية وتنفيذ الاستراتيجيات والخطط الوطنية، كالاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي التي صدرت في عام 2014. كما تسهم هذه القائمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، خاصة الهدفين 14 و15 المتعلقين بالحفاظ على الأنواع البرية. وتدرك الدولة أهمية التوعية والتثقيف البيئي في حماية التنوع البيولوجي. لذلك، تنظم الجهات المختصة في الدولة العديدَ من حملات التوعية حول حماية الأنواع المهددة بالانقراض والحد من الممارسات الضارة. وهذه الحملات تستهدف مختلف شرائح المجتمع وتهدف إلى غرس الوعي البيئي وتشجيع المشاركة المجتمعية في جهود حماية البيئة. كما تولي دولة الإمارات البحث العلمي في مجال التنوع البيولوجي اهتماماً كبيراً. فهي تقوم بتنفيذ دراسات وأبحاث لمراقبة وتتبع وتقييم الأنواع المهددة بالانقراض. وهذه الجهود البحثية تساعد في فهم أفضل للتحديات التي تواجه التنوع البيولوجي وتطوير استراتيجيات فعالة لحمايته. وفي مجال الزراعة، تبذل الإمارات جهوداً كبيرة لتنمية الزراعة في الصحراء.
هذه المبادرة تهدف إلى زيادة المساحات الخضراء وتحسين التنوع البيولوجي في المناطق الصحراوية، مما يسهم في تعزيز التوازن البيئي وخلق موائل جديدة للحياة البرية. كما تبذل الدولة جهوداً كبيرة للحفاظ على المياه الجوفية، وهي مورد حيوي للتنوع البيولوجي في المناطق الصحراوية. وهذه الجهود تشمل ترشيد استهلاك المياه وتطوير تقنيات الري الحديثة وإعادة تدوير المياه المستعملة. وفي الختام، تعكس هذه الجهود والمبادرات المتنوعة التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بحماية التنوع البيولوجي وصون البيئة.
ومن خلال مزيج من التشريعات الصارمة، والمحميات الطبيعية، وبرامج الإكثار، والبحث العلمي، والتوعية المجتمعية، تسعى الإمارات جاهدة للحفاظ على ثروتها الطبيعية وضمان استدامتها للأجيال القادمة. وتظل هذه الجهود مستمرة ومتطورة، بما يجعل الإمارات نموذجاً يحتذى به في مجال حماية التنوع البيولوجي على المستويين الإقليمي والعالمي.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.