"غدي نيوز"
كشفت دراسة أجراها باحثون من أميركا وبريطانيا وباكستان والهند ورومانيا، جامعين بين أحدث الأدلة الأثرية وأكثر تقنيات علوم الأرض تقدما، عن أدلة تثبت أن تغير المناخ شكل عنصرا رئيسا في انهيار حضارة السند كبير (الهارابان) قبل ما يقرب من 4000 سنة.
وساهمت الدراسة أيضا في حسم جدال طويل حول مصير نهر "الساراسواتي"، وهو النهر المقدس في الأساطير الهندوسية، وتقول مجلة "ساينس ديلي"، في تقرير نشرته أخيراً، إن حضارة السند، التي كانت تمتد عبر أكثر من مليون كيلومتر مربع من سهول نهر السند، من بحر العرب إلى نهر الغانج، فوق ما يمثل الآن باكستان، وشمال غرب الهند، وشرق أفغانستان، كانت الأكبر، والأقل شهرة، بين أولى الثقافات الحضرية الكبيرة، التي شملت كذلك مصر وبلاد ما بين النهرين.
وشأن معاصريهم، فقد عاش الهارابان، الذين استمدوا اسمهم من أكبر مدنهم، على ضفاف الأنهار، معتمدين في معيشتهم على خصوبة الأراضي المروية سنويا.
وقال ليفيو جيوسان، وهو عالم جيولوجي في معهد "وودز هول" لدراسة المحيطات بالولايات المتحدة والمؤلف الرئيس للدراسة: "لقد أعدنا بناء المشهد الحيوي للسهل الذي قامت عليه حضارة السند قبل 5200 سنة، وشيدت مدنها، وتفككت ببطء خلال فترة تتراوح بين 3900 و3000 سنة مضت. وحتى الآن، كثرت التكهنات حول العلاقة بين هذه الثقافة القديمة الغامضة وبين أنهارها العظيمة المانحة للحياة".
وقال المؤلف المشارك دوريان فولر، وهو عالم آثار في كلية لندن الجامعية: "بمجرد أن جمعنا هذه المعلومات الجديدة عن التاريخ الجيولوجي، تمكنا من إعادة النظر في ما نعرفه عن تلك المستوطنات، وعن المحاصيل التي كان الناس يزرعونها، وعن زمن التغيرات التي طرأت على أنماط الزراعة والاستيطان. وقد ساهم ذلك في فتح نافذة جديدة على عملية الانتقال السكاني شرقا، والتغيير باتجاه العديد من المجتمعات الزراعية الأصغر، وتراجع المدن في أواخر أيام الهارابان".
وتشير الدراسة الجديدة إلى أن تراجع هطول الأمطار الموسمية أضعف ديناميات الأنهار، ولعب دورا حاسما في تنمية وانهيار ثقافة الهارابان، التي كانت تعتمد على أن تقوم فيضانات الأنهار بتغذية فوائضها الزراعية.