"غدي نيوز" – قسم البيئة والتنوع البيولوجي
نشر موقع الإقتصادية aleqt.com تحقيقا مستشرفا لما يتهدد المحيطات والبحار من مخاطر نتيجة النفايات، استهله بسؤال ساخر: هل يمكن أن تتشكل دولة جديدة على خريطة العالم وتحصل على عضوية الأمم المتحدة تحت اسم "جزر النفايات"؟
لكن هذه السخرية ليست قادمة من فراغ، فقد سبق لموقعنا ghadinew.net أن نشر تحقيقا مفصلا قبل أعوام عدة عن "قارة النفايات"، واعتبرها العلماء القارة السابعة على كوكب الأرض وتتكون من بقايا النفايات البشرية وتحديداً البلاسيتيكة التي تشكل 90 بالمئة من مساحتها.
كما أن مساحة المخلفات الشاسعة الطافية فوق مياه المحيط الهادئ ما بين اليابان وجزر هاواي، وضع فوقها شعار يحمل عبارة "المحيط بحاجة إلينا"، إلى جانب تخصيص علم لهذه الرقعة من النفايات يحمل اللونين الأزرق والأبيض بداخله مثلث أخضر اللون، وأيضا عملة يطلق عليها "دبريس" أي مخلفات، مع طوابع بريد تحمل صورا لأسماك وطيور وسلاحف.
آل غور مواطن فخري
ويوجد حتى في "جزر النفايات" هذه مواطن فخري، وهو آل غور نائب الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، بحسب وكالة الأنباء الألمانية (د. ب. ا).
وكل ما تحتاج إليه هذه الجزر التي تتكون من النفايات العائمة هي الاعتراف الدولي بها، سواء من جانب الأمم المتحدة أو من جانب أية جهة أخرى.
غير أن هناك عقبة كبيرة تقف في طريق تحقيق ذلك، وهي أن أي فرد يفكر في أن يضع قدميه على هذه الجزر سيتعرض للغرق على الفور، لأن "جزر النفايات" هي في الواقع مجرد اسم لكمية هائلة من مخلفات المواد البلاستيكية تطفو فوق مياه المحيط الهادئ، وتزداد المشكلة سوءا بمرور الوقت، وهذا هو السبب الذي دفع النشطاء إلى تبني فكرة لفت أنظار العالم إليها.
وتوجد بهذه الجزر أبسطة عملاقة وإن كانت غير متصلة ببعضها بعضا من الزجاجات والأكياس ومواد التغليف والتعبئة، وجميع أنواع المخلفات الاصطناعية المنتشرة عبر المحيط الهادئ، ومعظم هذه المواد يتفتت في النهاية إلى جزيئات بلاستيكية صغيرة تطفو على مسافة قريبة من سطح الماء، وبالتالي يصعب تمييزها.
مؤسسة المحيطات البلاستيكية
وبدأ العلماء منذ عقدين من الزمان يحذرون من ظهور ما يطلق عليه الآن "بقعة القمامة الكبرى بالهادئ"، ويقدر المختصون حاليا مساحتها بما لا يقل عن 700 ألف كيلومتر مربع أو بما يزيد على مساحة فرنسا، غير أن وعي المجتمع الدولي أو اهتمامه بهذه المشكلة لا يزال محدودا، والسبب في ذلك أن هذه الكتلة من المخلفات تطفو فوق مياه نادرا ما يراها المسافرون لقضاء العطلات أو السفن العابرة.
ويوجد بالفعل قرابة 140 مليون طن من المخلفات البلاستيكية تطفو فوق مياه محيطات العالم، إضافة إلى ثمانية ملايين طن جديدة تضاف إلى هذه الكمية كل عام، وتم الاعتراف بهذه المشكلة بشكل عام ولكن دون بذل جهد ملحوظ للتعامل معها، وعلى سبيل المثال اتفقت الدول الصناعية الكبرى وذات الاقتصادات البازغة خلال قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في حزيران (يونيو) الماضي على خطة عمل غير ملزمة لحل المشكلة.
ومن هنا سعت لتغيير هذا الموقف حملة تهدف إلى الحصول على الاعتراف "بجزر المخلفات"، وهي من بنات أفكار منظمة أميركية لحماية البيئة تسمى "مؤسسة المحيطات البلاستيكية".
وطور اثنان من المحترفين العاملين بمجال الإعلان في لندن هذه الفكرة، وقام المصمم ماريو كيركاسترا بتصميم شعار الجزر وجواز السفر الخاص بمواطنيها المفترضين والعلم الخاص بها، وبالتدقيق في العلم اتضح أن المثلث الأخضر الذي يتوسطه يمثل قاعدة لزجاجة من البلاستيك تطفو فوق الماء.
ويطلق النشطاء على أنفسهم لقب "سكان جزر المخلفات"، وهذا اللقب سيصبح أيضا الاسم الرسمي لمواطني الجزيرة، وقدم النشطاء طلبا للأمم المتحدة كي تصبح مجموعة الجزر الدولة رقم 194 التي تتمتع بعضوية هذه المنظمة الدولية.
الأمم المتحدة
وعضد هذا الطلب توقيع 125 ألف شخص على التماس يطالب بالاعتراف الدولي بالجزر، ويستند طلب الاعتراف الرسمي إلى معاهدة مونتيفيدو الموقعة عام 1933 حول حقوق والتزامات الدول، ومع ذلك يقول مختصو القانون الدولي إنه لا يزال هناك الكثير الذي يتطلبه الاعتراف الواقعي.
ومن أشد المؤيدين لفكرة الاعتراف الدولي بالجزر آل غور، حيث حصل على جواز سفر من دولة الجزر ساري حتى السابع من تموز (يوليو) 2027. وقال آل غور: "إن المحيطات حيوية لبقائنا على قيد الحياة على ظهر الأرض، ونحن بحاجة إلى حمايتها".
وانضمت شخصيات بارزة أخرى إلى الحملة، ومن بينها الممثلة البريطانية جودي دينش التي أعلنت أنها على استعداد لخدمة "جزر النفايات".
غير أن النشطاء الذين يحملون لقب "سكان جزر النفايات" يعترفون بأنهم لا يحملون آمالا عريضة بشأن الحملة، وأبرز المشكلات بالنسبة لهم هي القبول الحقيقي بعضوية الجزر بالأمم المتحدة، لأنه من المنطقي بالنسبة لهم العمل على زوال هذا العضو الدولي الجديد من الوجود بأسرع ما يمكن، أو كما يقول النشطاء في شعارهم: "ضمان أن أول دولة في العالم تتأسس من المخلفات ستكون الأخيرة من نوعها".
وبالمثل أشادت الأمم المتحدة بالحملة، وقال ستيفاني ديواريتش المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريس لـ"الألمانية": "ليس لدي علم باستلام الالتماس، ولكن أعتقد أن هذه الفكرة هي وسيلة مبتكرة ومبدعة للفت الأنظار للمشكلة التي غالبا لا يراها أحد". وذكر أنها "مبتكرة ومبدعة، غير أن فرص قبولها ليست موجودة مطلقا".